Fri. Dec 27th, 2024

Views: 100

حاورته الاعلامية دلارام بويا دخوكا

موقع وصفحة Ankawa Today  يرحب بك أجمل ترحيب   

اهلا وسهلا بكم

بداية نود ان تحدثنا حول واقع الحركة المسرحية السريانية؟

قبل الاجابة على هذا السؤال ينبغي ان نطرح هذا السؤال: ترى هل ثمة مسرح سرياني في العراق؟ 

على الرغم من أن المسرح العراقي قد نشأ على أيدي القساوسة ورجال الدين في الكنائس والأديرة في مدينة الموصل قبل مائة وخمسين عاما، الا انه لأسباب كثيرة، لم يستطع أن يجاري المسرح العراقي والمسرح الكردي، ويعود السبب الرئيس في عدم لحاقه بركب هذين المسرحين الى إضطهاد الشعب السرياني من قبل الحكومات المتعاقبة على دست الحكم منذ تأسيسها العام  1921 والى يومنا هذا، ولاسيما في ما يتعلق بلغة الام، ما أدى الى حرمان القسط الأوفر منه في تعلمها قراءة وكتابة، وبالتالي عزوفه عن العلوم الانسانية التي تهتم بالثقافة والفنون السريانيين، وإنصرافه الى ثقافة اللغات التي تعلمها بين جدران المدارس، سواء كانت عربية أو كردية.

والسبب الثاني هو في تدني مستوى العروض المقدمة، عبر الإشتغال  بمزاجية ودون تخطيط مسبق وبرنامج واضح للأساليب التي تعتمد عليها الفرق الفنية إن وجدت وعلى ندرتها، أو بشكل فرادي في اخرجها للعروض المسرحية.

والسبب الثالث يكمن في القطيعة التي يشهدها المسرح بشكل عام، هذه القطيعة التي قد تدوم لعدة سنوات، كما في القطيعة التي شهدتها عنكاوا لأكثر من خمس سنوات.

   إن المسرح الذي لا يشهد عروضا مسرحية لعدة سنوات، وتسود مسيرته القطيعة، وتعم الإجتهادات الشخصية غير المبنية على الشروط والمواصفات الفنية المتوفرة والمتاحة، في تقديم عروضه ولا يقيم وزنا للمجتمع الذي يقدم له، فمثل هذا المسرح من الصعب أن يتقدم خطوة واحدة الى أمام.

وعلى الرغم من ان أول مسرحية قدمت باللغة السريانية كان عام 1912 في مدينة ألقوش، غير أن معظم العروض المسرحية المعروضة في البلدات السريانية تحديدا ببخديدا وعنكاوا كانت باللغة العربية الى فترة قريبة. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على ضعف الوعي القومي، وعدم الشعور بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق المسرحيين في بناء الخطوات الأولى لتأسيس المسرح السرياني وبنائه القائم على لغة الأم.

والتوجه نحو تقديم العوض باللغة العربية، مع أنه حاليا ليس في حدة السابق، وبدأ يخف تدريجيا بيد أنه ما زال قائما ويظهر بين فترة وأخرى، بدليل أنني شاهدت عرضا قبل أيام قليلة في بخديدا باللغة العربية، وهذا ما يؤسف عليه بحق.

وللتأكيد على أن معظم المسرحيات في بلداتنا قدمت باللغة العربية، ما عدا القوش، فقد شهدت بخديدا من عام 1939 الى عام 1993 (28) عملا مسرحيا، كلها باللغة العربية. وكذا الحال بالنسبة لعنكاوا ايضا، من بداية السبعينيات للقرن الماضي، سارت على النهج ذاته الى فترة قريبة.

لذا فإن واقع المسرح السرياني في ظل مثل هذه الظروف المؤثرة والضاغطة سلبا من الداخل والخارج، أي موضوعيا وذاتيا، لا يمكن أن يكتب له الإستقرار الذي يكفل له النجاح، بقدر ما يقوده الى المزيد من الإحباطات والإنكسارات.              

س: تحدث لنا عن العمل المسرحي في مسرحية خالة توما؟

ج/ جاءت فكرة العمل في مسرحية خالة توما، نتيجة القطيعة التي شهدها المسرح في عنكاوا للسنوات الخمس الماضية، وكذلك بفعل تقديم عروض لسنين خلت الغرض منها لم يكن لخلق جمهور مسرحي، بقدر ما كان مقرونا بتحقيق ذات الشخص الأول في العرض. فالعرض الذي ينبني على جهود شخص واحد، تأليفا وإخراجا وأحيانا حتى أداء، ما عدا العناصر الفنية الأخرى للعرض، فمثل هذا العمل، سلفا أتوقع له الفشل الذريع، ولا سيما أن النص المحلي يفتقر الى العناصر الدرامية. وهذا ما أثبتته معظم العروض المقدمة في بلدتنا الجميلة.

إنطلاقا من هذه الإشكالات التي تعرقل تقدم المسرح في عنكاوا، قررت مع مجموعة من الأكاديميين المسرحيين، وخريجي معاهد وكليات الفنون الجميلة ومحبي المسرح والمهتمين به، أن نخطو الخطوة الأولى بأتجاه تصحيح المسار الخاطيء الذي سار عليه لسنوات عديدة، وهي التعويل على النصوص العالمية وعصرنتها، لما ينسجم مع واقع مجتمعنا، سعيا لخلق جمهور مسرحي، يشاهد بأم عينيه مشاكله وما يلوب منه ويعانيه متجسدا على خشبة المسرح، بالإفادة من تجربة المسرح العراقي الذي خلق الجمهور المسرحي ابتداء من هذه الخطوة.

أما الخطوة الثانية والأهم التي أخذناها على عاتقنا، هي العمل بشكل جماعي في إخراج العرض، مع وجود قائد له هو المخرج، إبتداء من القراءة الأولى للنص الى ان يحين موعد العرض، والخطوة الثالثة هي إطلاق كامل الحرية للمثل في تجسيد دوره، وما على المخرج سوى توضيح أبعاد الشخصية التي يقوم بادائها، وبمنآى عن سعيه لإنتحال وتقمص أداء المخرج.

وقع أختيارنا على نص الخال فانيا لتشيكوف، للصلة الوشيجة القائمة بين المجتمع الروسي في بدايات القرن الماضي وواقع مجتمعنا في عنكاوا في الوقت الحاضر. متمثلا هذا التواشج ليس في الشخصيات فقط وإنما في الأحداث أيضا. ولا سيما في مسألة التشبث بالارض من قبل مجموعة، مقابل مجموعة أخرى غادرت الوطن، وعندما لم تتحقق أمنيات المجموعة الأخيرة عادت الى الوطن على أمل تستعيد ما خلفته أثر مغادرتها، ولكن بطريقة خسيسة وهي ان تبيع المزرعة التي يقطن فيها أقرب الناس اليها، متمثلا هذا التوجه في شخصية (بطرس) الدعي الذي جعل من نفسه أديبا كبيرا وهو لا يفقه في الادب، وعلى ذلك تنكشف حقيقته، فترفض أبنته وشقيق زوجته الاولى مطلبه هذا، بعد أن يهدده الاخير باطلاق عدة رصاصات.           

 اخرجت المسرحية بأسلوب واقعي، وسلس، يخلو من التعقيد والفانتازيا، والتصنع، في محاولة لكسب اكبر عدد ممكن من الجمهور. مع أنها لم تخل من الرموز. إبتداء من أسماء شخصياتها، مرورا بالدراجة البخارية، وإنتهاء بتدوير الاغنية عن عنكاوا.  

س/ كناقد ماذا يقول صباح هرمز عن مسرحية خالة توما؟

ج/ خالة توما لا استطيع ان انتقدها او اقول شيئا عنها، لأنني ببساطة أحببتها بعمق، بالرغم من معرفتي للنواقص التي تعتورها. وبعبارة أوضح أن مصطلح النقد على ما أظن بات يخفت بريقه السابق، ليحل محله مصطلح التأويل الذي يدعو الى بناء النص، أي كتابته بعد قراءته من جديد. أي أن الناقد لا يكتب عن نص ضعيف وهش، بل عن نص يتفاعل معه المتلقي. وبناء على هذا أن تفاعلي مع النص سابق لأوانه، لسبب بسيط، ذلك أني ترجمت هذا النقد الذي أسميه انا (التأويل) في عملية الاعداد، وكذلك بوصفي دراماتورج للعمل أيضا التي قمت بها التي هي بمثابة النقد.  

س/ بعد خالة توما هل سوف نشهد ولادة اعمال مسرحية سريانية؟

ج/ طبعا نجاح هذا العمل شجعنا على تقديم اعمال أخرى، وخاصة في يوم المسرح العالمي المصدف في 27 لشهر آذار من كل عام. وكادر عمل خالة توما لا يتوانى أن يقدم في كل عام بحدود عملين او ثلاثة لو توفرت له الارضية الخصبة للعمل. والمديرية العامة للثقافة والفنون السريانية اكاد اجزم بأنها ستقدم لنا كل الدعم المادي والمعنوي، وخصوصا بعد نجاح خالة توما.

س/ ما هي اهم العوامل التي تنهض المسرح في عنكاوا؟

ج/ برأيي ان العمل الجماعي وبروح اخوية وديمقراطية بعيدا عن فرض رأي على رأي آخر هو العامل الاول للنهوض بالمسرح في اي مكان، والعامل الثاني هو أختيار النص وتوزيع الادوار، ثم يأتي عامل الدعم سواء من المؤسسات الحكومية أو الجماهير. ولكن أبرز إشكالية يعاني منها المسرحيون في عنكاوا هي عدم وجود قاعة صالحة للعرض، ولعل عرض خالة توما في الباحة الخلفية لنادي شباب عنكاوا، أثيت دليل على ذلك.  

س/ هل هناك جهات معينة تعاونت معكم؟

ج/ نعم مثلما هناك جهات تعاونت معنا كذلك هناك جهات لم تتعاون معنا. الجهة الابرز التي تعاونت معنا هي المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية متمثلة براعيها الأستاذ كلدو رمزي. وكذلك تعاون معنا نادي شباب عنكاوا لما يفوق التصور ويعجز وصفه، بلغ حدا ان اصبح العاملون فيه جزءا أساسيا من مسرحية خالة توما.   

ختاما نشد على اياديكم ونتمنى ان تشهد عنكاوا المزيد من الاعمال المسرحية السريانية والمزيد من النجاح، كما نشكرك

لاتاحتك لنا فرصة اللقاء هذه شكرا